لف الحزن جوانب العاصمة الخرطوم، ومدن سودانية أخرى، وهي تستمع بعيون دامعة الي روايات ناجين من كارثة الطائرة السودانية التي احترقت بعد هبوطها في مدرج بمطار الخرطوم، في رحلتها من الأردن فى يوم 10 يونيو.
وتتباين تفاصيل من شخص الى آخر، ومن رواية الى أخرى، ومن مجلس الى آخر، ولكن الثابت هو انها تجسد خليطا من الخوف والرعب، وانها كانت بمثابة الوقوف على شفرة رفيعة تفصل بين الحياة الموت، مر بها ركاب الطائرة وعددهم 214 ، اضافة الى الطاقم.
عباس الفادني، العضو في البرلمان السوداني وأحد الناجين من ركاب الطائرة، روى لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الرحلة من بدايتها. ويتفق الفادني مع آخرين رووا قصتهم في ان رحلة طائرة «ايرباص 310» رقم 109، بدأت هادئة، كما يليق بأية رحلة. أقلعت في موعدها من عمان في منتصف اليوم، ووصلت الى دمشق مع حلول أول المساء، لكن الأمور تغيرت فور وصولها أجواء العاصمة الخرطوم، حين أبلغهم القائد بأن الطائرة ستغير رحلتها من الخرطوم الى مدينة بورتسودان (الميناء البحري على البحر في شرق البلاد)، بسبب الأمطار والعواصف الترابية. ويقول: «قضينا نحو ساعة ونصف الساعة، لتقلع الطائرة مرة أخرى في اتجاه الخرطوم». وفي طريقها الى الهبوط انقلبت الأمور رأسا على عقب، كانت الطائرة تهبط ثم تعلو وتهتز بشدة».
وأضاف الفادني وهو يسحب نفسا عميقا: «بدا الارتباك على كل من هو داخل الطائرة، وفجأة تحول الارتباك الى هستيريا شملت الجميع، عندما ارتجت الطائرة وتوقفت، وبدأت ألسنة النيران تطال الجانب اليمين منها». ويصف الفادني تلك اللحظة بأنها «كانت لا توصف.. النساء يصرخن، والأطفال يبكون».
تقول إحداهن «متنا» وهناك من تقول ابني، ومسن يطلب النجدة، وهذا يكبر: الله اكبر بصوت عال، وآخر في الطرف الآخر يتلو الشهادة، ويطلب من الآخرين ان يفعلوا كذلك، وقال: في هذه اللحظة كان الجميع يبحث عن مخرج، وطوق نجاة، وكانت ألسنة النيران تشتد، ويختلط الناس ببعضهم البعض. استمرت اللحظة المرعبة لدقائق، قبل ان تقوم مجموعة من الشباب وبمساعد منقذين في الخارج بفتح مخرج أمامي على الجانب الأيسر من الطائرة، في حين كانت النيران تشتد على الجانب الأيمن، وهو الجانب الذي بدا فيه الاشتعال».
وواصل الفادني يروي «بدا الناس يتدافعون نحو الباب، ووسط نصائح من البعض بما يجب فعله في مثل هذه الحالة.. ووقع انفجار أول، اشتد بعده الرعب والذعر والارتباك، والتهليل والتكبير والصراخ.. وصلت ساعتها قرب المخرج الذي تم فتحه، انزلق أمامي نحو 5 أو 6 أشخاص، ثم جاء دوري، وانزلقت الى الخارج، مع آخرين مندفعين بسلام الى ارض المطار.. ولم اصدق عيني، انني قد نجوت.. وتوالى انزلاق الناس الى الخارج، وبعد فترة من الزمن استحكمت النار في المكان، ولم اعرف بعدها من الناجي وكيف سارت الأمور ووصلت الى هذه المرحلة».
وعن شعوره اثناء اهتزاز الطائرة، قال "كانت الامور صعبة.. ولا توصف.. كنت في مواجه الموت.
ولكن كنت ومنذ غادرنا بورتسودان، لم اترك مسبحتي لحظة واحدة». وأضاف «أصعب اللحظات كان صراخ النساء والاطفال، وعدم قدرة الناس على فعل اي شيء.. لحظة خروجنا من الطائرة وحولنا عدد من الاطفال يصرخون ويهرولون وسط الناس يسالون: أمي، أبي، أين أمي؟ أين أبي». ومضى: «هذه لحظات يصعب على المرء متابعتها.. كانت قاتلة».
ونوه الفادني الى ان ركاب الدرجة الاولي في الطائرة خرجوا في الأول، وشاهدوا من بعد ان المضيفين يساعدون الناس على الخروج. وختم قوله: ان الوضع كان مزعجا والحالة عامة غير طبيعية ولكن لولا قيام بعض الشبان بفتح باب المخرج من الداخل بمساعدة افراد الانقاذ من الخارج لما تمكن شخص من النجاة».
وروى ناجي آخر لـ«الشرق الأوسط» ان احد الركاب الذي كان في الدرجة الأولى، طلب من امراة كانت تجلس في الدرجة السياحية ان تتحول الى مكانه في الدرجة الأولى فوافقت وتبادلا الأمكنة في منتصف الرحلة، وعندما وقع الحادث في مطار الخرطوم نجت المرأة واحترق الراكب الذي بدلته مكانها، فقد كانت المرأة قرب المخرج الذي جرى فتحه واستطاعت ان تخرج مع المجموعات الاولى».
وروت الناجية حنان عثمان أنها دخلت في غيبوبة حينما ارتطمت الطائرة بالمدرج واشتعلت النيران. وأضافت: لم أدر بشيء آخر إلا وأنا خارج الطائرة. ومثل حنان روى الكثيرون من الركاب انهم دخلوا في حالة تشبه الغباب عن الحدث، ولم يستعيدوا وعيهم الا بعد ساعات من تجاوزه. وذكرت ناجية أخرى ان «الطائرة صارت تتأرجح يمينا وشمالا وكانت هناك مطبات جوية كثيرة.. وبعد وصولنا، رأيت ارضية المطار مبتلة والمنطقة كلها مليئة بالمياه. وبعد قليل ودون ان يتم اخبارنا بما حدث او تحذيرنا رأينا اللهب والنيران، وبدا الركاب يتساقطون بعضهم فوق بعض.. وكنت في الجانب الأيسر.. واللهب كان في الجانب الأيمن. وقد تم فتح الباب بصعوبة جدا بعد مجهود من الركاب». وقال الناجي عصام الدين فضل من سكان مدينة ام درمان ان «الركاب صاروا يخرجون بمجهوداتهم الفردية من باب الطائرة الذي فتحه احد الشباب». وقال كان بين الركاب سوريون وعراقيون ومصريون. أما الناجي فضل الله، الذي جرح في ساعده وكانت بصحبته زوجته و3 من ابنائه، فقال «اثناء هبوطنا سمعنا ارتجاجا في الطائرة ونشب اللهب.. واعتقدنا انه عمود كهرباء بعد ذلك أحسسنا بأن الطائرة تشتعل في جانبها الأيمن ثم وجدنا «برشوت» (مظلة) في الجانب الشمالي وبدأنا ننزل، وشاهدنا في ذات الوقت آخرين يخرجون، وكانت هناك امرأة وطفلاها لا نعرف مصيرهم، كما كان هناك رجل مريض في مؤخرة الطائرة يرقد في مقعدين، وامرأة مشلولة لا تستطيع الحركة.
وحكى الناجي، منجي عبد العزيز شفيق، وهو مصري الجنسية: كنت اعمل جاهدا لكسر الزجاج، وكان هناك تدافع للعشرات من الناس بحثا عن مخارج، وعندما وقع الانفجار، تمكنت من الخروج، وحاولت إنقاذ ما يمكن إنفاذه ولكن الوقت لا يسعف»، وأضاف «معظم من أنقذتهم كانوا من الأطفال». وعن أصعب لحظة يقول: هي عندما أنقذت أطفالا ولم أتمكن من إنقاذ والدتهم».
وتتباين تفاصيل من شخص الى آخر، ومن رواية الى أخرى، ومن مجلس الى آخر، ولكن الثابت هو انها تجسد خليطا من الخوف والرعب، وانها كانت بمثابة الوقوف على شفرة رفيعة تفصل بين الحياة الموت، مر بها ركاب الطائرة وعددهم 214 ، اضافة الى الطاقم.
عباس الفادني، العضو في البرلمان السوداني وأحد الناجين من ركاب الطائرة، روى لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الرحلة من بدايتها. ويتفق الفادني مع آخرين رووا قصتهم في ان رحلة طائرة «ايرباص 310» رقم 109، بدأت هادئة، كما يليق بأية رحلة. أقلعت في موعدها من عمان في منتصف اليوم، ووصلت الى دمشق مع حلول أول المساء، لكن الأمور تغيرت فور وصولها أجواء العاصمة الخرطوم، حين أبلغهم القائد بأن الطائرة ستغير رحلتها من الخرطوم الى مدينة بورتسودان (الميناء البحري على البحر في شرق البلاد)، بسبب الأمطار والعواصف الترابية. ويقول: «قضينا نحو ساعة ونصف الساعة، لتقلع الطائرة مرة أخرى في اتجاه الخرطوم». وفي طريقها الى الهبوط انقلبت الأمور رأسا على عقب، كانت الطائرة تهبط ثم تعلو وتهتز بشدة».
وأضاف الفادني وهو يسحب نفسا عميقا: «بدا الارتباك على كل من هو داخل الطائرة، وفجأة تحول الارتباك الى هستيريا شملت الجميع، عندما ارتجت الطائرة وتوقفت، وبدأت ألسنة النيران تطال الجانب اليمين منها». ويصف الفادني تلك اللحظة بأنها «كانت لا توصف.. النساء يصرخن، والأطفال يبكون».
تقول إحداهن «متنا» وهناك من تقول ابني، ومسن يطلب النجدة، وهذا يكبر: الله اكبر بصوت عال، وآخر في الطرف الآخر يتلو الشهادة، ويطلب من الآخرين ان يفعلوا كذلك، وقال: في هذه اللحظة كان الجميع يبحث عن مخرج، وطوق نجاة، وكانت ألسنة النيران تشتد، ويختلط الناس ببعضهم البعض. استمرت اللحظة المرعبة لدقائق، قبل ان تقوم مجموعة من الشباب وبمساعد منقذين في الخارج بفتح مخرج أمامي على الجانب الأيسر من الطائرة، في حين كانت النيران تشتد على الجانب الأيمن، وهو الجانب الذي بدا فيه الاشتعال».
وواصل الفادني يروي «بدا الناس يتدافعون نحو الباب، ووسط نصائح من البعض بما يجب فعله في مثل هذه الحالة.. ووقع انفجار أول، اشتد بعده الرعب والذعر والارتباك، والتهليل والتكبير والصراخ.. وصلت ساعتها قرب المخرج الذي تم فتحه، انزلق أمامي نحو 5 أو 6 أشخاص، ثم جاء دوري، وانزلقت الى الخارج، مع آخرين مندفعين بسلام الى ارض المطار.. ولم اصدق عيني، انني قد نجوت.. وتوالى انزلاق الناس الى الخارج، وبعد فترة من الزمن استحكمت النار في المكان، ولم اعرف بعدها من الناجي وكيف سارت الأمور ووصلت الى هذه المرحلة».
وعن شعوره اثناء اهتزاز الطائرة، قال "كانت الامور صعبة.. ولا توصف.. كنت في مواجه الموت.
ولكن كنت ومنذ غادرنا بورتسودان، لم اترك مسبحتي لحظة واحدة». وأضاف «أصعب اللحظات كان صراخ النساء والاطفال، وعدم قدرة الناس على فعل اي شيء.. لحظة خروجنا من الطائرة وحولنا عدد من الاطفال يصرخون ويهرولون وسط الناس يسالون: أمي، أبي، أين أمي؟ أين أبي». ومضى: «هذه لحظات يصعب على المرء متابعتها.. كانت قاتلة».
ونوه الفادني الى ان ركاب الدرجة الاولي في الطائرة خرجوا في الأول، وشاهدوا من بعد ان المضيفين يساعدون الناس على الخروج. وختم قوله: ان الوضع كان مزعجا والحالة عامة غير طبيعية ولكن لولا قيام بعض الشبان بفتح باب المخرج من الداخل بمساعدة افراد الانقاذ من الخارج لما تمكن شخص من النجاة».
وروى ناجي آخر لـ«الشرق الأوسط» ان احد الركاب الذي كان في الدرجة الأولى، طلب من امراة كانت تجلس في الدرجة السياحية ان تتحول الى مكانه في الدرجة الأولى فوافقت وتبادلا الأمكنة في منتصف الرحلة، وعندما وقع الحادث في مطار الخرطوم نجت المرأة واحترق الراكب الذي بدلته مكانها، فقد كانت المرأة قرب المخرج الذي جرى فتحه واستطاعت ان تخرج مع المجموعات الاولى».
وروت الناجية حنان عثمان أنها دخلت في غيبوبة حينما ارتطمت الطائرة بالمدرج واشتعلت النيران. وأضافت: لم أدر بشيء آخر إلا وأنا خارج الطائرة. ومثل حنان روى الكثيرون من الركاب انهم دخلوا في حالة تشبه الغباب عن الحدث، ولم يستعيدوا وعيهم الا بعد ساعات من تجاوزه. وذكرت ناجية أخرى ان «الطائرة صارت تتأرجح يمينا وشمالا وكانت هناك مطبات جوية كثيرة.. وبعد وصولنا، رأيت ارضية المطار مبتلة والمنطقة كلها مليئة بالمياه. وبعد قليل ودون ان يتم اخبارنا بما حدث او تحذيرنا رأينا اللهب والنيران، وبدا الركاب يتساقطون بعضهم فوق بعض.. وكنت في الجانب الأيسر.. واللهب كان في الجانب الأيمن. وقد تم فتح الباب بصعوبة جدا بعد مجهود من الركاب». وقال الناجي عصام الدين فضل من سكان مدينة ام درمان ان «الركاب صاروا يخرجون بمجهوداتهم الفردية من باب الطائرة الذي فتحه احد الشباب». وقال كان بين الركاب سوريون وعراقيون ومصريون. أما الناجي فضل الله، الذي جرح في ساعده وكانت بصحبته زوجته و3 من ابنائه، فقال «اثناء هبوطنا سمعنا ارتجاجا في الطائرة ونشب اللهب.. واعتقدنا انه عمود كهرباء بعد ذلك أحسسنا بأن الطائرة تشتعل في جانبها الأيمن ثم وجدنا «برشوت» (مظلة) في الجانب الشمالي وبدأنا ننزل، وشاهدنا في ذات الوقت آخرين يخرجون، وكانت هناك امرأة وطفلاها لا نعرف مصيرهم، كما كان هناك رجل مريض في مؤخرة الطائرة يرقد في مقعدين، وامرأة مشلولة لا تستطيع الحركة.
وحكى الناجي، منجي عبد العزيز شفيق، وهو مصري الجنسية: كنت اعمل جاهدا لكسر الزجاج، وكان هناك تدافع للعشرات من الناس بحثا عن مخارج، وعندما وقع الانفجار، تمكنت من الخروج، وحاولت إنقاذ ما يمكن إنفاذه ولكن الوقت لا يسعف»، وأضاف «معظم من أنقذتهم كانوا من الأطفال». وعن أصعب لحظة يقول: هي عندما أنقذت أطفالا ولم أتمكن من إنقاذ والدتهم».